بِخلافِ الاتهامات الموجّهة إلى حزب العدالة والتنمية من التيارات الحداثية بكوْنه حزبا مُحافظا، أبَانَ وزيرُ العدل والحريات مصطفى الرميد عن وجْهٍ "تقدّميّ" حينَ استعراضه لفصول مُسوّدة مشروع القانون الجنائي، المتعلقة بالحريات الفرديّة، وذهبَ الرميد إلى القول إنّ الفصول المُجرّمة للإفطار العلني في رمضان، مثلا، لن يظلّ لها مكان في القانون الجنائي حينَ يصل المجتمع المغربي إلى مرحلة القبول بذلك.
وشدّد الرميد حين حديثه عن موضوع تجريم الإفطار العلني في رمضان والعلاقات الجنسية غير الشرعية، خلال لقاء نظمه فضاء حزب التقدم والاشتراكية للأطر بالرباط، أنّه بلَّغ لجميع النيابات العامة أمرا بضرورة التفريق بين الفضاءات الخاصة والعامة، قائلا "أنْ يَفطر الإنسان في رمضان أو يصوم فهذا لا علاقة للقانون به، بل تلك عبادة، والعبادة أكبر من المظاهر الخارجية والممارسة العملية"، لكنّه أكّد على وجوب احترام الآخرين.
وتساءل في هذا الصدد "واش المواطنين غادي يقبلو يشوفو شي واحد كايفطر علانية في مكان عام؟ لا أعتقد، لذلك إذا لم نجرّم الإفطار العلني في الفضاءات العمومية سنصبح في فتن، لذلك فما نسعى إليه هو حماية المجتمع من الانفلاتات، حتى لا يتكرر مثل ما حدث في فاس، وعندما يقبل المجتمع بذلك فإنّ الفصل المُجرّم للإفطار العلني في رمضان لن يبقى له مكان بيْن فصول القانون الجنائي".
وعنْ موقفه الشخصي من إفطار رمضان عمْدا، قال الرميد "الصيام علاقة خاصة بيْن العبد وربه، ونحن لا نتدخّل في هذه العلاقة"، وأضاف "إذا أفطر المسلم في مكان عمومي، وبشكل علني، وبدون عذر شرعي، أنا مصطفى الرميد ما عندي مشكل، اللي بغا يفطر يفطر، واللي بغا يصوم يصوم، ولكن المشكل هو المجتمع، وأيّ قانون يجب أن يراعي المجتمع".
وكشف وزير العدل والحريات واقعة "طريفة"، تتعلق بضبط عناصر الدرك في مكان لم يُحدّده لشخصين وهُما يُدخّنان، "وعندما استشاروا معنا (عناصر الدرك) سألناهم هل تمّ ضبطهما في فضاء عامّ، فأجابوا أنهم ضبطوهما في خلاء، فقلنا لهم خلّيوهم يمشيو فحالهم"، وأضاف الرميد "هدفنا من وضع القوانين هو أن نحمي المواطنين وقيم المجتمع، ولكن عندما يكون الإنسان فشي قْنِيتة (ركن مُنزوٍ)، أش قْرّْبنا لو، بينو وبين رْبُّو، وانا مالي".
وللتعبيرِ عنْ عدم وجود أيّ مشكل لديْه إزاءَ من يفطرُ رمضان إذا تمّ ذلك في فضاء خاصّ بعيدا عن الفضاء العمومي، أوْردَ وزير العدل والحريات في معرضه حديث أنّه حينَ استقبل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي خلال زيارته الأخيرة للمغرب قدّمَ له ولمرافقيه الحلويات والشاي، "فسألوني أليس الزمن رمضان، فقلت لهم أنتم لستم صائمين"، يقول الرميد، مضيفا "ما أثار إعجابي خلال هذا اللقاء هو موقف وزيرة العدل الفرنسية السابقة رشيدة ذاتي، التي رفضت أن تتناول شيئا، احتراما لنا، رغم أنها كانت مسافرة والشرع يجيز لها أن تفطر، وقلتُ لها برافو".
إرسال تعليق