pregnancy

0
كانت فترة بداية السبعينات من القرن الماضي مرحلة عصيبة على الملك الراحل الحسن الثاني، بعد توالي الضربات القاسية التي تلقاها حينئذ، حتى ولو أنها لم تقصم ظهره كما كان يتمنى خصومه من الانقلابيين، فإنها صاغت منه شخصية تجمع بين قوة الشكيمة والحذر من تأزم نظامه السياسي.
وفي مقطع فيديو نادر تم بثه أخيرا لأول مرة على موقع يوتوب، من طرف منتدى القوات المسلحة الملكية، أظهر تقرير لإحدى القنوات التلفزية الفرنسية، كيف واجه الملك الراحل الظرفية السياسية للبلاد بعد أحداث خطيرة كادت تذهب بحياته ونظامه أيضا، منها واقعة انقلاب الصخيرات والهجوم على الطائرة الملكية.
وبثت القناة الفرنسية مشاهد مرئية للملك الحسن الثاني وهو يدلف مكتبه بقصره بالرباط، مرتديا جلبابا مغربيا، ويمشي متبخترا ينظر إلى جانبيه، واصفة إياه بالرجل الوحيد الذي وجده نفسه أمام مؤامرات عديدة خططت للإجهاز عليه نهائيا، منها أحداث الانقلابين، وموت الجنرال أوفقير الذي كان يعتبره الملك مثل أخ له.
بعد انقلاب سنة 1972 أطلق الملك الحسن الثاني مشاورات مع الأحزاب السياسية لتشكيل حكومة ائتلاف وطني، كان يرمي من خلالها طمأنة المعارضة ودرء مخططاتها، فوجد أمام دعوته رفضا أبداه كل من حزب الاستقلال بقيادة امحمد بوستة، والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، بزعامة الراحل عبد الرحيم بوعبيد.
القيادي الاتحادي الراحل تحدث حينها إلى القناة الفرنسية، وقال إن المشكلة ليست إحداث حكومة ائتلاف وطنية، بل المشكلة كيفية إعادة الثقة لدى الشعب المغربي وجميع القطاعات الاجتماعية في البلاد التي تعيش أزمة ثقة إزاء الدولة، داعيا السلطة الحاكمة لإعطاء دليل على تغيرها.
وشدد بوعبيد، بنبرة رجل السياسة الواثق، على أن "نظام الحكم المطلق ولى، وبأنه يجب البدء في عهد جديد يتيح للمغاربة المشاركة والاحتجاج ومراقبة العمل الحكومي"، موضحا أنه ليست هناك حلول ومنافذ للأزمة الراهنة ـ حينها ـ سوى إجراء انتخابات مباشرة تفضي إلى جمعية وطنية دستورية وتشريعية.
ووضع حزب الاستقلال شروطا أمام مشاركته في حكومة الائتلاف الوطنية التي اقترحها الملك الراحل الحسن الثاني، وحيث أكد القيادي الاستقلالي، محمد بوستة، متحدثا لذات القناة الفرنسية على أنه يتعين أولا الخروج من نظام سياسي مطلق يركز السلطات بين يديه، إلى نظام ديمقراطي مستمد من الشعب.
وفيما تساءل بوستة عما إذا كانت الحكومة المقترحة ستتوفر على سلطات فعلية تتيح إخراج المغرب من أزمته السياسية والاجتماعية، تحدث المحجوبي أحرضان، زعيم الحركة الشعبية، عن ضرورة وجود نظرية محددة المعالم، لها بداية ونهاية، يجد فيها العامل والطالب والعاطل والثري والفقير نفسه" وفق تعبيره.
الملك الراحل الحسن الثاني استقبل، على خلفية نفس المشاورات السياسية لتكيل حكومة ائتلاف وطنية، الزعيم الشيوعي الراحل، علي يعتة، في قصره بالرباط، غير أن كل تلك المشاورات انتهت إلى الفشل، بعد أن رفضت أحزاب المعارضة حينها الدخول في تلك التجربة.
وطرحت القناة الفرنسية، في ذلك الوقت، سؤالا عما إذا كان الملك الحسن الثاني سيستجيب لمطلب تفويض بعض من سلطاته إلى حكومة تشاركه السلطة، غير أن الجواب يبدو أنه تأخر كثيرا إلى أن جاء عهد الملك محمد السادس، بعد أن صادق المغاربة على دستور 2011، يقول الكثيرون إنه متطور، ويرتكز على تخلي الملك لبعض من سلطاته لفائدة الحكومة.

إرسال تعليق

 
Top