قال الباحث في علوم الاجتماع وأستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، سعيد بنيس، إنَّ إتقان اللغة الإنجليزية أضحى أمرا حتميّا بالنسبة للطلاب الراغبين في التقدم في درْب البحث العلمي، موضحا أنّ عدمَ تمكّن الطالب من اللغة الإنجليزية سيجعله يجترّ النظريات العلمية القديمة.
واعتبر بنيس، في محاضرة بالمركز المغربي للأبحاث والدراسات المعاصرة، أنَّ ثمّة حاجة إلى إرساء أسس الحكامة اللغوية في العلوم الإنسانية والاجتماعية بالمغرب، وذلك باعتماد اللغة التي يُجدي التمكين العلمي بها، مضيفا: "إذا اعتمدنا العربية يجب انتظار الترجمة الفرنسية، وإذا اعتمدنا الفرنسية ننتظر الترجمة الإنجليزية، ولكن إذا اعتمدنا الإنجليزية فإننا ننفذ إلى أصل العلوم بلغتها الأصلية".
ووقف بنيس عند عدد من الإشكاليات التي تُعيق البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية بالمغرب، ومنْها انتفاء أخلاقيات البحث لدَى بعض الباحثين.. "كَيْجي الطالب كايقول للأستاذ دْرت 600 استمارة، وبايْن ليك انتَ هو اللي كْتبها بيدّيه"، يقول المتحدث، مشيرا إلى أنَّه في الولايات المتحدة الأمريكية يُجبَر الطالب على الحصول على موافقة الأشخاص الذين استجوبهم بهدف التأكد من صحّة الاستمارات.
وانتقد المتحدّث الباحثين المغاربة لابتعادهم عن المواضيع التي تهمّ المغاربة، قائلا إنّ الجامعات المغربية تشتغل على مواضيع لا تمتّ بصلة إلى الواقع المغربي، كمَا انتقدَ لجوءَ الباحثين المغاربة إلى مصادرَ أجنبيّة فقط وتهميش المصادر المحلية، بقوله: "الغريب أننا نجد بيبليوغرافيا الأبحاث كلها كَاوْريّة، ما كاين حْتى مغربي، وهذا إشكال"، معتبرا أنّ ذلك ينمّ عن "انهزامية هويّاتية علمية".
ودعا أستاذ العلوم الاجتماعية الطلّاب إلى أن يشمّروا عن سواعد الجدّ، بدل اللجوء إلى "Copier coller" أثناء إعداد أبحاثهم الجامعية، قائلا إنَّ الطالبَ، في الماضي، قد يجد صعوبة في الحصول على مراجع، أما اليوم فلا عُذر له لتبرير تقاعسه عن البحث، ما دام أنّ المراجع متوفّرة جدا، وهناك مراجع بالمجان متاحة على الشبكة العنكبوتية.
بنيس دعا المسؤولين المغاربة إلى الاهتمام بالعلوم الاجتماعية والإنسانية، خاصّة في ظلّ بروز ظواهر قدْ تشكّل خطرا على استقرار المجتمع، معتبرا أنّ العلوم الإنسانية والاجتماعية قادرة على تجنيب البلاد مخاطر كثيرة، مثل خطر الإرهاب، موضحا: "إذا سُمحَ لنا بالقيام بأبحاث سنتنبّأ بما سيحدث.. نحن لا نعطي الحلول ولكن نوصل المعلومات بشكل علمي. ولكن هل الدولة مستعدة لوضع الثقة في الباحثين والاستماع إليهم؟".
وربط بنيس تقدّم المغرب بازدهار البحث العلمي، مستدلا بقولة لجاك بيرك، سنة 1959، حين طلبت منه هيئة الأمم المتحدة أن يقدم لها تقريرا عن حالة العلوم الاجتماعية في المغرب، فقال إن تعزيز العلوم الإنسانية والاجتماعية في بلد ما ليس هدفا أكاديميا فحسب، بل يدخل في صميم مستقبل البلد. وتساءل بنيس: "هل الحكومات المتعاقبة فكرت يوما في أن هذه العلوم ترهن مستقبل المغرب
إرسال تعليق