في ظرف زمني وجيز، حدثت العديد من وقائع الاغتصاب التي طالت أجساد أطفال أبرياء؛ وفيما تفرقت الحوادث بين عدد من مدن المملكة، توحدت الآلام التي شعر الضحايا، ذكورا كانوا أو إناثا، وهي المشاعر نفسها التي تجرعتها أسر المعتدى عليهم، ممتزجة بالإحساس بالغبن والذل.
وخلال أيام قليلة طفت على سطح الإعلام قضايا اعتداءات جنسية خطيرة، ذهب ضحيتها قاصرون وقاصرات؛ ففي مدينة الصخيرات تربصت "وحوش آدمية" بطفلة لا يكاد يبلغ عمرها 13 عاما، كانت ترعى الأغنام قبل أن يفاجئها خمسة ذئاب بشرية افتضوا بكارتها بالقوة، ودون أن يرف لهم جفن.
وفي أحد أحياء مدينة فاس، وداخل مرحاض مؤسسة دار المواطن، أقدم شاب متدرب على اغتصاب طفلة لا يتجاوز عمرها خمس سنوات بطريقة شاذة، بينما في مراكش اعتدى سائح دنمركي جنسيا على طفل يبلغ من العمر 11 عاما، وبمعيته قاصر دون 15 سنة، قبل أن يتم اعتقاله ومحاكمته.
وبمجرد أن طفت قضايا اغتصاب الأطفال بشكل متتابع في الفترة الأخيرة، نهضت جمعيات حقوقية تنشط في مجال الدفاع عن حقوق الأطفال، والتصدي للجرائم الجنسية ضدهم، لتشدد على "ضرورة الضرب بيد من حديد على كل مغتصبي الأطفال، للحد من هذه الآفة التي تنخر جسم المجتمع المغربي".
الائتلاف المغربي ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال سجل في هذا الصدد أن الاستغلال الجنسي للأطفال "جريمة ضد الإنسانية، تتفشى خاصة في الدول التي ينتشر فيها الفقر والأمية والجهل والانغلاق، وضعف الحصانة الدينية والأخلاقية، وانعدام أسس التربية الجنسية".
ويعزو الدكتور خالد السموني، رئيس الائتلاف ضد الاعتداءات الجنسية على الأطفال، تنامي ظاهرة اغتصاب الأطفال بالمغرب إلى العديد من العوامل الرئيسة؛ أولها "الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الهشة لكثير من الأسر المغربية، إذ يسود الفقر، والأمية، وغياب الاستقرار الأسري".
ويضيف رئيس الائتلاف ذاته أن "تنامي ظاهرة اغتصاب الأطفال الصغار بالمغرب يمكن تفسيره بإصدار القضاء لأحكام مخففة"، مشيرا إلى أن "الكثير من الأحكام تكون مخففة، حتى إن كان الاعتداء مصحوبا بالعنف، أو الفاعل من أصول الضحية، إذ تتراوح بين سنة وأربع سنوات، وأحيانا تتم تبرئة المتهمين".
وانتقد السموني غياب التحسيس بهذه الظاهرة عن طريق وسائل الإعلام، والتوعية بخطورة جريمة الاستغلال الجنسي وسبل حماية الأطفال منها ومكافحتها، مع بيان أسبابها والتفكير في معالجتها، رافضا أن يكون التحسيس مناسباتيا، إثر بعض الأحداث المتعلقة بالاعتداء.
ولفت الائتلاف الحقوقي أيضا إلى عدم قيام المدرسة بدورها التربوي، وتوعية التلاميذ بجريمة الاستغلال الجنسي للأطفال وسبل اجتنابه والتحرز منه، مسجلا "غياب شرطة مختصة للتحقيق في جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، تكون لها خبرة في علم النفس، ومهارات في طرق استنطاق الأطفال الضحايا".
إرسال تعليق