pregnancy

0
في حي الرحمة بمدينة سلا، وعلى مساحة محددة، تتواجد أربعة مساجد متقاربة من حيث موقعها الجغرافي، جميعها في طور البناء بفضل مساهمات مالية وعينية من طرف المحسنين، وهو الواقع نفسه الذي ينبسط على الكثير من مدن وقرى المملكة؛ حيث يساهم المحسنون بشكل أكبر من وزارة الأوقاف والشؤون والإسلامية.
ويتبين من خلال آخر إحصائيات الوزارة التي يشرف عليها أحمد التوفيق، الإقبال اللافت للمحسنين على بناء المساجد في مختلف ربوع البلاد؛ حيث إن عدد المساجد التي تم بناؤها في 2015 بلغ 204، بنى المحسنون منها 177 مسجدا، فيما بنت الوزارة الوصية 27 مسجدا فقط.
وبحسب السجل الوطني للمساجد، فإن العدد الكلي لبيوت الله في المغرب يصل إلى أزيد من 47.967 مسجدا، يشكل العالم القروي فيه نسبة 72 في المائة، بينما الباقي موزع على مختلف مدن المملكة، وهو ما يعني حوالي سبعة مساجد لكل خمسة آلاف نسمة، الشيء الذي يفسر الحاجة المتنامية إلى بناء مزيد من بيوت الله.
تسليم المساجد للوزارة
بناء المساجد وإصلاحها من طرف المحسنين يعتبره مصدر مسؤول من داخل الرابطة الوطنية لأسرة المساجد، أمرا محبذا وطيبا، ويدل على الطبيعة الخيرة للمغاربة، مشيرا إلى أن "تشييد المساجد عادة صحية دأب عليها أجدادنا منذ القدم، واليوم باتت مقننة ومؤطرة من طرف مؤسسة رسمية".
وأشار الإمام ذاته، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن المساجد التي يشيّدها المحسنون بفضل مساهماتهم المالية، والعينية، من معدات ومواد البناء كالإسمنت والآجر، تخضع لعقدة اتفاق بين الجمعية المكلفة بجمع تبرعات البناء وبين الوزارة.
وتابع المتحدث موضحا أن هذه العقدة تتضمن التزاما ينص على تسليم الجمعية الخيرية التي أشرفت على جمع مساهمات المحسنين، وفق آليات التماس الإحسان العمومي المقررة، المسجد حين الانتهاء من بنائه إلى وزارة الأوقاف الوصية، فضلا على اشتراط تشييد المرافق المحيطة بالمسجد.
واستطرد القيِّم الديني أن عددا من الجمعيات الناشطة في هذا المجال يغلب عليها الميل نحو تحقيق مصالح ذاتية وخاصة، كما تنتشر أحيانا مظاهر الزبونية والمحسوبية؛ من حيث الاستفادة من الأموال المحصلة لبناء المسجد، أو الاستفادة من الخدمات التي توفرها المرافق التابعة للمسجد.
وحذر المتحدث من وجود حالات لا تسلم فيها الجمعية المشرفة على بناء المسجد، اعتمادا على تبرعات ومساهمات المحسنين، البناية الدينية إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية رغم استكمال بنائها، مستدلا بحالة مسجد الشرف بأكادير، والذي "رغم الانتهاء من تشييده منذ سنوات لا يزال تحت عهدة الجمعية"، يورد المصدر.
ودعا العضو المسؤول في رابطة أسرة المساجد بالمغرب إلى إرساء الشفافية في صرف الأموال التي تمنح لبناء المساجد، وأيضا في طرق تسيير هذه المساجد عندما تصير تحت مسؤولية الوزارة الوصية، مطالبا بضرورة صرف تلك الأموال بطريقة تعمل على تحسين ظروف عيش القيّمين الدينيين داخل بيوت الله.
الشفافية مطلوبة
موضوع الشفافية في صرف أموال المحسنين طرحته هسبريس على أحد أعضاء جمعية تشرف على بناء "مسجد عبد المولى" بأحد أحياء مدينة سلا، فأكد أن الشفافية في طرق تدبير المساهمات المالية للمحسنين مضمونة بقوة القانون، باعتبار وجود ترخيص بالتماس الإحسان العمومي لبناء المسجد.
وتابع المتحدث ذاته أن "مسجد عبد المولى" بسلا، على سبيل المثال، الذي لا يزال في طور التشييد ويتوفر على ثلاثة طوابق، أحدها خاص بالنساء، فضلا عن مرافق أخرى، من بينها منزل الإمام، "تولى بناءه من الألف إلى الياء محسنون، وقد تم ضخ أزيد من مليار سنتيم فيه إلى حدود اليوم".
وواصل بالقول إنه حرصا على الشفافية في صرف أموال المحسنين، فإن الجمعية تخيّر الشخص الراغب في المساهمة بين أن يدفع ماله مباشرة في الحساب البنكي للجمعية، والذي يوجه خصيصا لبناء المسجد، أو أن يشتري معدات البناء، الإسمنت أو الحديد وغيرهما، قصد استكمال تشييد المسجد.
ويبدو أن وزارة التوفيق حريصة على معطى الشفافية؛ حيث إنها لجأت إلى إجراءات قانونية تروم ترشيد العمل الخيري للمغاربة الذي يذهب صوب بناء المساجد، ولقطع الطريق على "فئة المرتزقين بجمع الإحسان العمومي للمساجد"؛ إذ أصدرت مراسيم تحدد آليات جمع الإحسان العمومي في الشارع بما يضمن شفافيتها.

إرسال تعليق

 
Top