أبريل الجاري شهر "حاسم" ينتظر ملف الصحراء، بالنظر إلى المواعيد الهامة التي تضمنتها أجندة جلسات مجلس الأمن الدولي بشأن هذا النزاع الذي عمر طويلا، بين المغرب الذي يقترح حكما ذاتيا موسعا لأقاليم الصحراء، والبوليساريو التي تطالب بالاستفتاء وتقرير المصير.
وتنطلق أولى المواعيد الرئيسية في ملف الصحراء، وفق ما أعلنه مجلس الأمن الدولي الذي انتقلت رئاسته إلى الصين، يوم الجمعة المقبل (8 أبريل) بتقديم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بان كي مون، تقريره السنوي المعتاد إلى المجلس، حول تطورات الوضع بالصحراء.
ويتوقع مراقبون أن يتضمن تقرير "كي مون" ملخصا لنتائج زيارته الأخيرة إلى الجزائر ومخيمات تندوف ومنطقة "بئر لحلو"، مستثنيا التوجه نحو المغرب لأسباب خلافية حول الموعد الزمني للزيارة، حيث من المرتقب أن يشمل تقريره رؤيته للأزمة التي اندلعت بينه وبين المغرب.
وكان "كي مون" قد أثار غضبا عارما لدى المغاربة، قيادة وشعبا، بعد أن أبدى تفهمه لغضب ما يسمى "الشعب الصحراوي" بداعي أن أراضيه "محتلة"، فضلا عن إشارته بعلامة النصر، وانحنائه أمام ما يسمى علم البوليساريو، وزيارته إلى بئر لحلو، وكلها تصرفات اعتبرتها الرباط منحازة.
وفي 15 أبريل الجاري، من المزمع أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة تخصص، أساسا، لاجتماع البلدان التي تشارك في القوات العسكرية المشكلة لبعثة الأمم المتحد إلى الصحراء "المينورسو"، وهو المكون الذي لم يؤكد المغرب استمرار تعاونه معه، بخلاف المكون المدني الذي "طردت" الرباط منه زهاء 84 موظفا.
أما جلسة السابع والعشرين من الشهر ذاته، فسيخصصها مجلس الأمن الدولي لمناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، والذي يتوقع الكثيرون أن يضم توصية بتمديد صلاحيات "المينورسو" لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، كنوع من "الانتقام" أو ضرب المغرب "تحت الحزام".
وبالنسبة للمتفائلين من المتابعين لملف الصحراء، فإن اجتماع مجلس الأمن سيعمل جاهدا على صياغة موقف يرضي أطراف النزاع، من خلال تمديد مهام "المينورسو" سنة جديدة أخرى كالمعتاد، ودعوة المغرب والبوليساريو معا إلى "ضرورة الانخراط في مسار المفاوضات بدون شروط".
وفي الثامن والعشرين من أبريل الحالي، من المرتقب أن يصدر مجلس الأمن الدولي قراره بشأن ملف الصحراء، على ضوء تقرير "كي مون"، ومستجدات الوضع على الميدان، وتطورات الخلاف بين الأمين العام للأمم المتحدة والسلطات المغربية، وهو القرار الذي تتطلع أطراف النزاع إليه بترقب كبير.
جبهة البوليساريو، ومن خلال أذرعها الإعلامية، أكدت أنها تترقب القرارات التي ستتمخض عنها الاجتماعات "المصيرية" لمجلس الأمن الدولي، "خاصة أنها ستلقي بثقلها على الملف الصحراوي، إما باستئناف مفاوضات السلام، أو عودة جبهة البوليساريو للحرب ضد المغرب"، وفق تعبيرها.
ويعلق على كل هذه الحيثيات الدكتور خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة وجدة، في تصريح لهسبريس، حيث قال إن أجندة شهر أبريل من كل سنة هي نفسها تقريبا من حيث الترتيب الزمني، مشيرا إلى أن الجديد هذه السنة هو اصطفاف الأمين العام إلى جانب خصوم المغرب.
وتابع شيات بأنه من المرتقب أن يتضمن تقرير كي مون توصية بتوسيع صلاحيات المينورسو، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، أو أن يوصي بالحجر على المغرب في ما يتعلق باستغلال ثروات الصحراء، مبرزا أنه "أمر سيؤدي إلى تكريس التنازع مع المغرب".
وتوقع المحلل ذاته بأن "يوازي تقديم الأمين العام لتقريره ضغطٌ دعائي كبير من طرف الجزائر، وأنصار الانفصاليين داخل مجلس الأمن"، مستبعدا أن يقع تحول جذري في مقاربة الموضوع من لدن التوازنات الدولية، خاصة بعد إبداء المغرب صرامة كبيرة في التعامل مع "المينورسو"، إذ سيترجم أي تحول في المهام التقليدية للبعثة إلى السعي إلى بلقنة المنطقة، وهو ما لا تحبذه القوى الكبرى، على الأقل مرحليا.
إرسال تعليق