pregnancy

0
لا تنحصر قصة الحب بين ريبيكا والسيمو في مجرّد سفر مغامر لمراهقة أمريكية إلى المغرب، وما تلا ذلك من ضجة احتلت عناوين الكثير من الصحف المغربية والبريطانية والأمريكية، بل تعيد هذه القصة إلى الواجهة قصص محادثات جمعت بين مغاربة وأجنبيات، استُخدمت فيها كل وسائل الدردشة الفورية الممكنة، إمّا من أجل إنجاح قصة حب.. أو لأجل البحث عن زواج قد لا يعمّـر طويلًا.
منذ تطوّر مواقع وبرامج الدردشة الآنية سنوات التسعينيات، وفي عهد ازدهار مقاهي الانترنت، انهمك شبان مغاربة في البحث عن "الحلم الأجنبي".. منهم من نجح وأقنع "الشقراء" بأن تزوره وسط حيه المتواضع قبل أن تحمله إلى بلدها، ومنهم من توقفت شطارته في إقناع الطرف الآخر بزيارة المغرب دون تسجيل أي تطور لاحق، فيما تموقع آخرون وسط الفئتين وهم يقضون سنوات طويلة وراء الحاسوب مكتفين بنيل "وعود وردية".
لا تعود برامج الدردشة إلى سنوات التسعينيات، إذ إن أوّل نظام مخصص لهذا الغرض خرج إلى الوجود عام 1973، وكان يحمل اسم Talkomatic، أي قبل ظهور الـWWW.. والهدف من هذا البرنامج، الذي تطوّر في نظام معلوماتي بجامعة إلينوي الأمريكية، كان تعليميًا بحتا، غير أنه قدم الملامح الأولى للرغبة البشرية في المحادثة الفورية الآنية، وأفضى إلى ظهور CompuServe، التي تعد أول بوابة انترنت تجارية للمحادثة، وذلك عام 1980.
استمر تطوّر برامج الدردشة إلى أن ظهر عام 1988، ما يعرف بـIRC، أو المحادثة المنقولة بالانترنت عبر خوادم منتشرة في العالم,. وقد أحدث هذا النظام ثورة كبيرة في مجال الدردشة، انطلق من فنلندا على يد جاركو أويكارينن، ووصل إلى المغرب نهاية التسعينيات عبر برنامج شهير اسمه MIRC، الذي شكل لآلاف المغاربة الدرس الأوّل للمحادثة الفورية، وكان من النادر أن تجد حاسوبًا في مقهى انترنت لا يتوفر على هذا البرنامج الذي لا يزال يقاوم إلى حد الآن الاندثار.
قبل MIRC الذي خرج إلى الوجود عام 1995، أطلقت شركة "أول" غرف الدردشة الخاصة بها عام 1993، ثم قدمت برنامجها الخاص بالمحادثة الفورية عام 1997، وبعدها بعام أطلقت "ياهو" نظامها الخاص بالدردشة، كما انتشرت مواقع تستخدم تقنية الجافا للدردشة الجماعية، بيدَ أنه، وباستثناء MIRC، لم تنل هذه البرامج شهرة كبيرة بالمغرب، حتى جاء عصر "CARAMAIL" وبعده HOTMAIL وبرنامج المحادثة الخاص به MSN Messenger.
عبر موقع CARAMAIL الفرنسي الذي أُسس عام 1997، فتح الآلاف من المغاربة بريدهم الإلكتروني الأول، ودردشوا في نظام خاص به كان يسمى Dialogue en direct، وبعدها انتقلوا تدريجيا إلى MSN Messenger منذ ظهوره عام 1999، حتى تغيير اسمه إلى Windows Live Messenger عام 2006.. عبر هذا البرنامج الشهير، قضى الشباب المغاربة مئات الساعات بحثًا عن الحلم الفرنسي أو الأمريكي أو البريطاني، ويؤكد لنا مالك أحد مقاهي الانترنت سابقًا، أن زبناء المحل كان يقضون جل وقتهم في الدردشة عبر هذا البرنامج، خاصة بعدما طوّر أسلوبه وصار يمكّن من استخدام الصوت والكاميرا.
غير أن قصص نجاح برامج ومواقع الدردشة بدأت بالتراجع منذ تطور مواقع التواصل الاجتماعي. فقدت برامج IRC أزيد من نصف مستخدميها، وأعلنت شركة "مايكروسفت"عن إغلاق برنامج الدردشة الخاص بها عام 2013، كما أعلنت شركة "ياهو" عام 2012 عن نهاية عهدها بغرف الدردشة، وفقدت الكثير من المواقع الأخرى رونقها بعدما استولى فيسبوك على المراتب الأولى، حتى مع الانتقادات الكثيرة التي توجه إليه بعدم تمكينه مستخدميه من الخصوصية اللازمة.
يتذكر طارق بنحريف، كيف تعرّف عام 2000، على شابة اسكتلندية في إحدى غرف الدردشة، ثم انتقلا للحديث في برنامج MSN. توطدت العلاقة بعد ذلك، وحفزه هذا التعارف على تعلم اللغة الإنجليزية، قبل أن يقنع صديقه بزيارة المغرب واكتشاف الحي المحمدي بالدار البيضاء حيث يقطن، غير أن قصة الوئام انتهت بعد ذلك، إذ ظهرت خلافات كثيرة، خاصة بعدما أخبرها بعضهم أن المغاربة يبحثون عن التأشيرة فقط، رغم أن طارق لم ينظر لها أبدًا بذلك المنظار حسب قوله.
في الجانب الآخر، يحكي لنا رشيد، الذي يقطن حاليًا بألمانيا، كيف أنقذه حب إلكتروني من البطالة، فصار اليوم هو المعيل لعائلة بأكملها في نواحي تارودانت. عشق اللغة الألمانية منذ الصغر، ولم يثنه عن تعلمها فصله من القسم الثالث إعدادي. بعد محاولات مضنية، وقصص لم تكتمل، أقنع شابة ألمانية بزيارة أكادير، حيث التقيا لأول مرة، ونظرًا لتعقيدات إدارية، كان لزامًا عليه الهجرة سرًا إلى اليونان حيث زارته هناك، لتساعده على الالتحاق بها في مدينة فرانكفورت التي شهدت زواجهما.

إرسال تعليق

 
Top