pregnancy

0
قد لا يستقيم الحديث عن وجود الشيعة بالمغرب دون التطرق إلى عناصر رئيسية دالة على هذا الحضور الذي يقتضيه التنوع الهوياتي، والغنى الإيديولوجي والفكري الذي رفعه المغرب عاليا، وعَكَسه في نصوص دستورية حديثة، من قبيل عدد هؤلاء الشيعة ومدى إشعاعهم في البلاد.
وفيما يؤكد محللون بأنه لا يمكن إنكار تواجد الشيعة في العديد من مدن المملكة، خاصة في المدن الكبيرة مثل طنجة ومكناس والدار البيضاء، أجمعوا على صعوبة الإقرار برقم محدد ودقيق لعددهم في البلاد، باعتبار أن "أنشطتهم تلفها السرية وتحيط بها التقية"، وفق تعبيرهم.
وتشير أرقام سابقة أوردها تقرير رسمي أعدته وزارة الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية في العالم، إلى أن عدد الشيعة بالمغربي يناهز 8 آلاف شيعي، موزعين على بعض المدن الكبيرة، خاصة طنجة ومكناس ووجدة والدار البيضاء، وهي الأرقام التي تظل بعيدة عن أي تأكيد أو نفي رسمي.
موسى: انتعاشة التشيع
الدكتور أحمد موسى، الباحث في الدراسات الإيرانية، عاد إلى الماضي ليحدد تاريخ تواجد التشيع بالمغرب، وقال إن هناك من يرجعه إلى عهد الدولة الإدريسية، منبها إلى أن المولى إدريس الأكبر حينما دخل المغرب في أواخر القرن الثاني للهجرة، قام بتأسيس دولته الكبيرة، مستفيداً من الولاء الذي يكنه المغاربة للرسول عليه الصلاة والسلام وأهل بيته.
وأوضح أستاذ اللغة الفارسية وآدابها بجامعة الجديدة، بأنه "كون المولى إدريس علويا في النسب، خارجا على سلطة العباسيين، ليس دليلا على شيعيته هو ودولته"، مبينا أن "التشيع لم يكن لديه إلا قضية سياسية، وانتماء لعسكر المطالبين بحق آل البيت في الخلافة، ومناهضة للتسلط الذي بدأ ينشأ في رحاب الملك العباسي".
وتابع موسى، في تصريحات لجريدة هسبريس، بأن "التشيع عرف انتعاشة كبيرة، وانتشاراً واسعاً إثر نجاح الثورة الخمينية في إيران، لأنه أصبح للشيعة دولة تحرص على نشر المذهب، وعلى نقل الثورة إلى البلدان الإسلامية، وكان المغرب أحد الدول التي وصلها هذا المد".
واسترسل المحلل بأن "باحثين يشيرون إلى أن أهم آليات الاختراق الشيعي في المغرب، مرت عبر العمال المغاربة في العديد من الدول الأوروبية، وخاصة في إسبانيا وبلجيكا وهولندا، وبأن المغاربة المتشيعين تأثروا بهذا المذهب من خلال إقامتهم في هذه الدول التي تعد مجالا واسعاً لتحرك الشيعة".
وأكمل موسى بأن "العديد من أفراد الجاليات المغربية بالخارج ساهموا في نشر التشيع في البلاد، واليوم لا تخلو مدن المغرب من تواجد للمتشيعين، قبل أن يؤكد أن أنشطتهم تلفها السرية وتحيط بها التقية، لذلك يصعب تحديد عددهم على وجه الدقة".
ولفت موسى إلى أنه رغم هذه التقية والسرية المحاطة بأنشطة المتشيعين، فإن "هناك فضاءات في بعض المدن المغربية الكبيرة، طنجة ومكناس والدار البيضاء، معروفة بأنشطة المتشيعين المغاربة فيها، وتتوزع هذه الفضاءات على المكتبات ومعارض الكتب وغيرها.
حمادة: التقية وولاية الفقيه
ومن جهته، يؤكد الباحث في الشأن الديني والجماعات الإسلامية، منتصر حمادة، في تصريحات لجريدة هسبريس، أنه "لا توجد دراسات دقيقة عن عدد الشيعة في المغرب، وإن وُجدت بعض الأرقام أو التوقعات فلن تخرج عن دائرة التكهن والتخمين لعدة اعتبارات".
وأوضح حمادة بأن "الأجهزة الأمنية تواجه نفس المأزق، لأنه بخلاف تيارات وعقائد أخرى، مثل التيار الإخواني أو السلفي، أو حتى المسيحي واليهودي والإلحادي، يصطدم المتتبعون بمأزق التقية التي تخول للناشط الشيعي تمرير خطاب مزدوج بخصوص انتمائه العقدي والمذهبي".
وأفاد الباحث ذاته أن "التقية تعد أهم الأسلحة التي يراهن عليها مشروع التشيع في العالم بأسره، والذي جعلنا اليوم، نعاين وجود شيعة حتى في بلدان إسلامية، كانت إلى وقت قريب، لا تضم الشيعة بالمرة، من قبيل السنغال وموريتانيا، وغيرهما من البلدان الأخرى".
وأردف المحلل بأن "قوة الشيعة في العالم بأسره، وليس في المغرب، تقترن بسلاح التقية، كما تقترن بإعلان الولاء العقدي والسياسي لمنظومة ولاية الفقيه، بما يُحيلنا على السؤال الثالث، أي إمكانية أن يُشكل شيعة المغرب، على قلتهم، تهديداً للوحدة المذهبية للمغرب".
واسترسل بأنه "إذا تكتل الشيعة، لأنهم متفرقون حالياً، وأغلب رموزهم التي تروج اسمها هنا أو هناك، تبحث عن مواقع ووجاهة، وأصبحوا تياراً بقيادات وقواعد، يمكن الحديث حينها عن مساس بالوحدة المذهبية للمغرب، باعتبار أن المغرب بلد مسلم وسني ومالكي".
ولكن، يضيف حمادة، في سياق التعددية الدينية والثقافية بالمغرب، يمكن أن يكون الأمر مرحباً به"، مبرزا أن أبسط مقتضيات القراءة السياسية والأمنية، تفيد بأن التغلغل البطيء للشيعة في بعض الدول العربية، أفضى إلى إعلان الولاء السياسي والاستراتيجي لأربع دول عربية لمنظومة ولاية الفقيه."

إرسال تعليق

 
Top